صراع القوى الكبرى حول الذكاء الاصطناعي
الحديدة إكسبرس | الذكاء الاصطناعي
26 مارس 2025
د. مجاهد الجبر *
![]() |
صراع القوى الكبرى حول الذكاء الاصطناعي |
في ظل التسارع التكنولوجي غير المسبوق، تحول الذكاء الاصطناعي إلى ساحة حاسمة للتنافس الجيوسياسي بين القوى العظمى، حيث تتصاعد وتيرة هذا الصراع على مستويات متعددة. فمن الناحية التكنولوجية، تتصدر الولايات المتحدة المشهد عبر بنية تحتية بحثية متطورة وشركات عملاقة مثل "أوبن إيه آي" و"جوجل ديب مايند" و"أنفيديا"، مدعومة باستثمارات ضخمة من القطاع الخاص وروابط وثيقة مع المؤسسات العسكرية والأمنية. أما الصين، فتسير بخطى ثابتة نحو تحقيق طموحها بالهيمنة التكنولوجية بحلول 2030 من خلال خطة وطنية شاملة تعتمد على التمويل الحكومي السخي وتوظيف الذكاء الاصطناعي في تعزيز آلة الرقابة الاجتماعية وتطوير قدرات عسكرية متقدمة، رغم التحديات التي تفرضها العقوبات الغربية على حصولها على التقنيات الحيوية. وفي الجانب الآخر، يمثل الاتحاد الأوروبي نموذجاً مختلفاً يركز على الجوانب الأخلاقية والتنظيمية، حيث يتبنى تشريعات صارمة مثل "قانون الذكاء الاصطناعي" الذي يحد من بعض التطبيقات المثيرة للجدل مع الحفاظ على التنافسية.
يتجاوز هذا الصراع المجال التكنولوجي ليشمل أبعاداً استراتيجية أعمق، حيث أصبحت تقنيات الذكاء الاصطناعي عاملاً حاسماً في موازين القوى العسكرية، بدءاً من أنظمة القتال الآلية وحتى الحروب الإلكترونية والاستخباراتية. كما تتصاعد المنافسة على السيطرة على الموارد الحيوية مثل أشباه الموصلات والبيانات الضخمة التي تشكل العمود الفقري لتطوير أنظمة الذكاء الاصطناعي. وتبرز في الأفق معضلات أخلاقية وقانونية معقدة تتعلق باستخدام هذه التقنيات، من خطر انتشار الأسلحة المستقلة إلى تهديدات التزييف العميق وانتهاكات الخصوصية.
في هذا السياق، لم يعد الصراع مجرد سباق تقني، بل تحول إلى مواجهة شاملة بين نماذج حضارية وقيمية مختلفة، حيث تحاول كل قوة فرض رؤيتها ومعاييرها على الساحة العالمية. فبينما تدفع الولايات المتحدة والصين عجلة الابتكار بوتيرة سريعة مع تركيز أقل على الضوابط الأخلاقية، يسعى الاتحاد الأوروبي لترويض هذه التكنولوجيا عبر إطار تنظيمي صارم قد يحد من سرعة التقدم ولكنه يضمن استدامة أكبر. كما تبرز تحديات جديدة تتعلق بالفجوة التكنولوجية المتزايدة بين الدول المتقدمة والنامية، مما يهدد بتعميق الفوارق العالمية. في النهاية، يشكل هذا الصراع حول الذكاء الاصطناعي محطة فارقة في التاريخ البشري، حيث ستحدد نتائجه ملامح النظام العالمي الجديد وطبيعة موازين القوة في القرن الحادي والعشرين.
____________
____________
د. مجاهد الجبر *
استاذ الذكاء الاصطناعي المشارك
رئيس الجامعة التخصصية الحديثة
اقرأ المزيد :
الجامعة التخصصية الحديثة والذكاء الاصطناعي: رؤية استشرافية لمستقبل اليمن
https://hodeidahnewsexpress.blogspot.com/2025/02/blog-post_16.html?m=1
الجامعة التخصصية الحديثة تُطلقُ شرارةَ ثورةِ الذكاء الاصطناعي في اليمن
https://hodeidahnewsexpress.blogspot.com/2024/03/blog-post_4.html?m=1
ثورة التكنولوجيا تطرق باب الإعلام.. أول صحيفة في العالم محررة بالكامل بالذكاء الاصطناعي
https://hodeidahnewsexpress.blogspot.com/2025/03/blog-post_25.html?m=1