قانون الأمن الأمريكي!!
"القاعدة الوحيدةُ هنا في "جزيرة أوكيناوا"، هي
أُقتل، أُقتل، أُقتل!"
بقلم/ #سلام_موسى_جعفر
يرصد كاتب المقال القاعدة التي يرتكز عليها قانون الأمن الامريكي "اقتل ثم اقتل ثم اقتل " تجاه من يخالف توجهات أو سياسة الولايات المتحدة الأمريكية وكذا تجاه أعدائها ويورد الكاتب على لسان أحدهم بأنه لم يكن هناك رئيس أمريكي لم يعتبر الاغتيال السياسي لرجل دولة، في هذه الدولة أو تلك، أمراً مرغوباً فيه وممكناً. فكل تاريخ الولاية المتحدة مشبع بعمليات القتل وحيث أمكنهم القتل، قتلوا...هذا ابرز ملخص المقال الذي خص به الكاتب #الحديدةنيوزاكسبرس #عبده_بغيل إلى تفاصيل المقال ..
_________
_________
قانون الأمن الأمريكي!!
"القاعدة الوحيدةُ هنا في "جزيرة أوكيناوا"، هي
أُقتل، أُقتل، أُقتل!"
بقلم/ #سلام_موسى_جعفر
لا أنكر أن المنشور جذبني إليه على الفور. وجعلني أفكر. فوجدت فيه عنوان مناسب لكتابة مقال يدور حول العوامل النفسية والعقلية التي تقف وراء السلوك المتوحش للجندي اثناء المعارك العسكرية. وفي الوقت ذاته، وجدته عنوان ينفع للكتابة عن الوحشية المخطط لها عن عمد من أجل تحقيق أهداف في صُلب السياسة الخارجية للدولة الامريكية.
احترت حقاً بين الكتابة عن وحشية نلجأ إليها مضطرين وبين وحشية خُطِطَ لها مسبقاً!
أخترت الثانية. وبغض النظر عن دوافع الاختيار، فهي من المرات النادرة التي يتبع فيها محتوى أحد موضوعاتي عنواناً جاهزاً!
لا تزال جريمة الاغتيال البشعة في مطار بغداد التي نفذتها طائرات مسيرة، بأمر مباشر من الرئيس الأمريكي الأسبق ترامب، والتي تمت في باكورة العام المنصرم، ماثلة أمام ناظري. كما لا تزال تصريحاته العدوانية ترفض مغادرة ذاكرتي، وهو يكشف للعالم، بوقاحة لا مثيل لها، عن نيته قتل الرئيس السوري بشار الأسد! جريمة القتل وجريمة التصريح أعادتا الى ذهني ما كتبه الرئيس الأمريكي السابق "هربرت هوفر" في العام 1951 "وفي حربنا معه فليست هناك قواعد تستحق الالتزام بها سواء من ناحية السلوك الإنساني أو الأخلاق"
لابد أن يتساءل الانسان الطبيعي: وفق أي شرعية تُعطي الولايات المتحدة لنفسها الحق بارتكاب جرائم تتنافى مع مبادئ العلاقات الدولية؟
ربما نعثر على الإجابة الشافية خلال بحثنا في جذور موروث القيم الاخلاقية السائدة في المجتمع الامريكي الذي تشكل كما يعرف الجميع من مجموعات مُهاجرة مُتحررة من كل المواريث والعقد التاريخية والقانونية والأخلاقية.
وهي قيم، حسب رأي الكاتب الصحفي الكبير محمد حسنين هيكل، اكتسبت شرعيتها الأخلاقية على أساس:
• المنفعة هي معيار الشرعية.
• النجاح هو المعيار لقياس مدى صحة الأفعال والتصرفات.
وربما نجد الإجابة أيضا عندما نتعرف على طبيعة السياسة الخارجية، ومصادرها. وهو موضوع يستحق منا التعمق فيه، لما له من أهمية بالغة تساعدنا على فهم طبيعة عدونا. وسيكون لي حوله مقال قريب.
لم يعد أحد فينا يعترض، بما فيهم جميع أتباع العم سام، سواء حلفائهم أو عبيدهم، على حقيقة اقتران السياسة الأمريكية الخارجية بالأعمال الإجرامية التي تقوم بها أجهزة الدولة الأمريكية، العسكرية والمخابراتية، وفي جميع أنحاء العالم. وهذا ما أكسبها السمعة السيئة المعروفة عنها. تتوزع الأعمال الإجرامية ما بين الاغتيالات السياسية والانقلابات العسكرية وتقديم الرشاوى وارتكاب المذابح بحق سكان العديد من البلدان، إما مباشرة بأيدي أجهزتها، أو بأيدي منظمات عسكرية فاشية من صُنعها. أقول لا احد يشك أو يعترض على هذه الحقيقية.
وعلى الرغم من قناعة الجميع ببشاعة ولا أخلاقية هذه الممارسات، ومنهم العبيد الأذلاء للسيد الأمريكي، إلا ان العبد هو الأكثر هوساً من بين الجميع، بالدفاع عن إجرام سيده وتبرير هذا الاجرام تارة وانكاره طوراً. وعذره في الانكار، كأي دوني يتلذذ بتعرضه لاحتقار سيده، يستند على عدم وجود وثيقة رسمية قانونية تُبيح ارتكاب هذه الجرائم! أي لا يوجد قانون في أمريكا يمنح الشرعية لأجهزة الدولة بارتكاب الفظاعات!
من الطبيعي أن لا نعثر على مُشَرع واحد في العالم، يبلغ به الغباء أو الوقاحة الى درجة صياغة وثيقة تدعو علناً الى إبادة شعوب كاملة، إذا ما استثنينا طبعا إسرإئيل والنازيين. ربما لهذا السبب لا نجد في الوثائق الامريكية الأساسية صياغات تدعو الى ارتكاب المذابح وتبررها. ولكننا عثرنا على وثائق من نوع آخر: تقارير ورسائل، كنت قد نشرت بعضا منها في أوقات سابقة.
إلا أني أردت أن أخبركم من أن عبارة نشر "القيم الأمريكية" في العالم، التي ترد في أغلبية الوثائق الرسمية المتعلقة بالسياسة الخارجية الأمريكية، هي بمثابة كلمة السر التي تُطلق يد الجيش الأمريكي وأجهزة المخابرات لارتكاب المذابح الضرورية التي يتطلبها نشر هذه القيم.
مفتاح السر، وكما أوردت قبل قليل، نعثر عليه في الموروث، عند الأجداد الأفذاذ من مجتمعات المهاجرين البيض المغامرين المستعدين لارتكاب أبشع الجرائم من اجل الحصول على الثروات الجاهزة دون الاستعداد للتضحية بالنفس. المهاجرين الذين اكتسبوا القدرة على اختراع أغطية أخلاقية تبرر قتل الآخرين. ثم أن المجرم القاتل يتحول بمرور الزمن الى شخص خائف من انتقام أهل الضحية. خوف لدرجة المرض. وهذا ما يدفعه الى ارتكاب المزيد من جرائم القتل من خلال أعمال وقائية مًسبقة تجهض، حسب عقلية المريض الخائف، عمليات انتقامية محتملة. وهذا ما يفسر لنا حالات اطلاق النار العشوائي التي كان يقوم بها الجنود الأمريكيون اثناء دورياتهم في الطرق الخارجية وفي شوارع بغداد والمدن الأخرى.
دعونا نطلع سوياً على وثيقة هامة رُفِعَت عنها السرية ونشرها محمد حسنين هيكل، تتعلق بأسس السياسة الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية.
في تقرير أعدته اللجنة الخاصة التي أشرف على عملها الرئيس الامريكي السابق "هربرت هوفر" في أواخر 1951 الى الرئيس "ترومان" وعلى أساس هذا التقرير صدر ما يُعْرَف بقانون الأمن الأمريكي الذي نص على انشاء مجلس للأمن القومي تابع لرئيس الجمهورية. وإليكم نص التقرير كما هو:
"انه من الواضح الآن أن الولايات المتحدة الامريكية تواجه عدواً لا يُخفي أهدافه في السيطرة الدولية (المقصود الاتحاد السوفيتي)، وعلينا أن نُحاربه. وفي حربنا معه فليست هناك قواعد تستحق الالتزام بها سواء من ناحية السلوك الإنساني او الاخلاق. فاذا كان على الولايات المتحدة أن تنتصر في هذه الحرب، فان القيم التقليدية للتعامل العادل يجب أن يُعاد النظر فيها. ومن المحتم علينا أن نتعلم دروس الانقلاب والتخريب وتدمير أي عدو بطرق أكثر مهارة وأشد تعقيداً من أية طرق قد تستخدم ضدنا".
عودة الى نية الرئيس الأمريكي ترامب باغتيال الأسد. ففي مقال نشرته "أوراسيا ديلي" في شهر أيلول 2020 يدور حول خطر انتهاج واشنطن رسميا سياسة اغتيالات كبار رجال الدولة في العالم. والمقال كان بعنوان "لو استطاعت الولايات المتحدة تصفية رئيسكم لفعلت" وهو في الأصل جزء من تصريح "ياكوف كيدمي" الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات الإسرائيلية "ناتيف". حيث قال بالحرف الواحد:
"لم يكن هناك رئيس أمريكي لم يعتبر الاغتيال السياسي لرجل دولة، في هذه الدولة أو تلك، أمراً مرغوباً فيه وممكناً. فكل تاريخ الولايات المتحدة ما بعد الحرب، ولا اقول قبل ذلك أيضا، مشبع بعمليات القتل هذه. حيث أمكنهم القتل، قتلوا، وحيث لم يستطيعوا، لم ينجحوا. أريد الآن التذكير بمن يقال إنه الأفضل، استنادا إلى الشائعات، أي الرئيس كينيدي. فخلال فترة توليه الرئاسة، تم التحضير لـ 170 محاولة اغتيال ضد (فيدل) كاسترو. هذا حسب شهادة الأمريكيين. ثم، ما الفارق بين قتل سياسي أو قتل 2.5 مليون فيتنامي؟ ولو تمكنوا من تدمير مدينة هوشي منه، لفعلوا ذلك. لكنهم لم يستطيعوا. بل يمكنني قول أكثر من ذلك لكم، فلو تمكنوا من تصفية رئيسكم (بمعنى فلاديمير بوتين)، لفعلوا ذلك. لم يتحلوا بأي قواعد أو أطر أخلاقية، ولا هم يتحلون بها الآن، ولن يكون ذلك أبداً. السؤال الوحيد هو النفعية".