الشريط الإخباري

نشرة مكافحة "الفساد وغسل الأموال وتمويل الإرهاب" الأسبوعية العدد21\عبده بغيل ‏

نشرة مكافحة "الفساد وغسل الأموال وتمويل الإرهاب" الأسبوعية العدد21\عبده بغيل 


إعداد/عبده بغيل

28-12-2020                 العدد21


عناوين النشرة :


اليمن: تدريب كوادر جهات إنفاذ القانون في مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب


ميدل ايست اي : الإمارات تتحول لمركز لتهريب الذهب الملطخ بالدماء وأصبحت ملاذا لمنظمات إجرامية


العراق: مجلس القضاء يحقق مع البنك المركزي و13 مصرفاً أهلياً في قضية غسيل المال


الجهاد المحلي مستقبل الإرهاب في العالم 

 


اليمن:تدريب كوادر جهات إنفاذ القانون في مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب



دورة تدريبية في مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب لجهات إنفاذ القانون والتي أقيمت بصنعاء وهدفت الدورة على مدى خمسة أيام إلى رفد ٤٠ مشارك ومشاركة يمثلون الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد والمحاكم والنيابة العامة والأجهزة الأمنية ووحدة جمع المعلومات المالية بمهارات ومعارف ومعلومات حول طرق وأساليب جمع المعلومات والبيانات الخاصة بقضايا غسل الأموال وتمويل الإرهاب وتقنيات التحقيق الجنائي فيها والتكييف القانوني لهذه الجرائم.

وفي الافتتاح أشار رئيس اللجنة الوطنية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب يوسف علي زبارة إلى أهمية هذه الدورة في تعزيز تطبيق قانون مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب ولائحته التنفيذية من قبل جهات انفاذ القانون وضمان إصدار أحكام قضائية تعمل على تحقيق عناصر الردع والزجر ومحاسبة المجرمين من غاسلي الأموال وممولي الإرهاب.

ولفت إلى أن جرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب تعد من الجرائم الخطيرة التي ظهرت بقوة على الساحة الدولية وأثرت بشكل مباشر وغير مباشر على الأنظمة المالية والمصرفية وامن وسلامة المواطنين والمجتمعات وكانت لها ارتدادات كثيرة على الأنظمة الاقتصادية.

وتطرق الى جهود بلادنا في مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب من خلال الاعتراف بالمعايير الدولية والالتزام بها والمصادقة على الاتفاقيات والبروتوكولات الدولية ذات العلاقة وانشاء بنية تشريعية وتنظيمية متكاملة تتفق مع المعايير الدولية اضافة إلى أنظمة للإجراءات وإصدار السياسات والأدلة الإرشادية والتعليمات والضوابط الداخلية لتطبيق القانون واللائحة.

وحث زبارة المشاركين على التفاعل والاستفادة من هذه الدورة لتحقيق أقصى استفادة ممكنة من مكوناتها .

حضر الافتتاح محامي عام الأموال العامة القاضي مجاهد أحمد عبد الله وعضو ومقرر اللجنة الوطنية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب القاضي رشيد المنيفي .


صنعاء: هيئتا مكافحة الفساد والزكاة تناقشان سبل تعزيز الشراكة


ناقش لقاء بصنعاء اليوم ضم قيادتي الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد والهيئة العامة للزكاة، سبل تعزيز الشراكة في مجالات مكافحة الفساد.

وتطرق اللقاء برئاسة رئيس هيئة مكافحة الفساد الدكتور محمد محمد الغشم ورئيس الهيئة العامة للزكاة الشيخ شمسان أبو نشطان، إلى إجراءات تنفيذ مشروع تعزيز الشراكة بين الهيئتين في التدريب والتأهيل والتوعية لتعزيز قيم النزاهة والشفافية والمساءلة للعاملين عليها من خلال تنفيذ برنامج تدريبي مشترك في إطار الرؤية الوطنية لبناء الدولة.


وفي اللقاء أكد الدكتور الغشم أن اهتمام الهيئة بمد جسور الشراكة في مجال تعزيز الشفافية والنزاهة ومكافحة الفساد والوقاية منه، يأتي في إطار توجهات قائد الثورة ورئيس المجلس السياسي الأعلى والدولة.


واعتبر هيئة الزكاة من أهم الجهات التي ينبغي إقامة شراكة حقيقية معها لمكافحة الفساد وتعزيز قيم الشفافية والنزاهة .. مشيداً بالمشاريع التي تتبناها هيئة الزكاة في مختلف المجالات وآخرها زفاف 3300 عريساً وعروساً.


بدوره أكد رئيس الهيئة العامة للزكاة استعداد الهيئة إنجاح البرنامج التوعوي والتدريبي الخاص بمكافحة الفساد .. مؤكداً أهمية الشراكة الفاعلة بين مختلف الجهات لرفع الوعي بمخاطر الفساد وأهمية مكافحته والوقاية منه.


ميدل ايست اي : الإمارات تتحول لمركز لتهريب الذهب الملطخ بالدماء واصبحت ملاذا لمنظمات إجرامية 



"تحول الإمارات إلى مركز عالمي لتهريب لذهب الملطخ بالدماء والفساد" هذا ما كشف موقع ميدل إيست البريطاني في تقرير له نشر حديث 

وقد تساءل الموقع عما إذا ما كانت الإمارات تحظى بحماية و"تواطؤ" من واشنطن رغم كل الدلائل المُدينة للإمارات..وذهب الموقع إلى اعتبار الموقف الأمريكي تجاه الإمارات يتجاوز علاقات التحالف الوثيقة بين الطرفين، وربطه بتطبيع الإمارات بـ "إسرائيل".


واصبح الذهب مهمًا جدًا لاقتصاد دبي لدرجة أنه عنصر التجارة الخارجية الأعلى قيمة في الإمارة، متقدمًا على الهواتف المحمولة والمجوهرات والمنتجات البترولية والماس، وفقًا لجمارك دبي.


وأشار الموقع إلى تصنيف وزارة الداخلية ووزارة الخزانة في بريطانيا مؤخراً، الإمارات العربية المتحدة على أنها بؤرة  لغسيل الأموال من قبل الشبكات الإجرامية، وأكدت على وجود ثغرات حولت الامارات  إلى ملاذ منظمات إجرامية تمارس عملها بأريحية، وتنقل فيها الأموال الوسخة نقدا أو عبر الذهب.


الأمر الذي دعا الإمارات إلى ممارسة  الضغط على ا"المنظمة العالمية للمعادن النفيسة" ومقرها لندن، بعد أن هددت الإمارات في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي  بإدراج صادرات السبائك الذهبية الواردة من الامارات في القائمة السوداء إذا لم تستوف معاييرها التنظيمية ، 


ويعد الذهب أكبر صادرات  الإمارات بعد النفط ، حيث صدرت 17.7 مليار دولار في عام 2019. وقد ازدادت أهمية الذهب فقط مع تضاؤل احتياطيات دبي النفطية ومحاول الإمارة تنويع اقتصادها.


وانتقد التقرير البريطاني السهولة التي يمكن بها نقل الذهب والنقود عبر الإمارات، وتسجيل معاملات مالية مشبوهة. وشدد التقرير، وهو الأحدث حول تقييم المخاطر الوطنية وغسيل الأموال والإرهاب 2020، على ضرورة تسليط الضوء والبحث والتحري أكثر في المعاملات المالية المشبوهة التي تتم في الإمارات.


وقدم التقرير إلى البرلمان وفقاً للمادة 16 من قانون غسل الأموال وتمويل الإرهاب وتحويل الأموال.


وفي المقابل تساءل الموقع إذا ما كانت الإمارات تحظى بحماية من واشنطن، وذهب إلى القول إن النفعية السياسية مكنت الإمارات ودبي بشكل خاص من الإفلات من الرقابة على الرغم من مزاعم غسل الأموال. وأشار “ميدل إيست آي”  إلى ما كشفه في وقت سابق الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين عن تحقيق استمر ثلاث سنوات أجرته إدارة مكافحة المخدرات الأمريكية  حول شركة “كالوتي للمجوهرات” ومقرها دبي ، تم إسقاطه بسبب الضغط السياسي لعدم الإخلال بالعلاقات الأمريكية مع الإمارات.


وفي تسريب لملفات من وزارة الخزانة الأمريكية، كشف الاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين (ICIJ)، أن البنوك الأمريكية أشرت على ما يقدر بـ 9.3 مليار دولار في المعاملات المشبوهة لشركة “كالوتي” بين عامي 2007 و2015.


ونقل الموقع عن لاكشمي كومار، مدير السياسات في منظمة النزاهة المالية العالمية ومقرها واشنطن قوله "يتم وضع الكثير من الدول على قوائم سوداء أو رمادية من قبل مجموعة العمل المالي [لعدم كفاية ضوابط مكافحة غسيل الأموال"، لكن الإمارات العربية المتحدة لديها نفس القدر أو أكثر من مخاطر غسيل الأموال من أفعالها حتى الآن لم يتم إدراجها”.


ويضيف" الولايات المتحدة لديها حافز واضح لحماية الإمارات، لأنها حليف مهم في مكافحة تمويل الإرهاب وحليف عسكري مهم في المنطقة. ومع اتفاقية السلام التي تم التفاوض عليها مؤخرًا بين الإمارات وإسرائيل، فمن غير المرجح أن لقد رأيت الإمارات على القائمة السوداء لأنها ستتعارض مع أولويات السياسة الخارجية للولايات المتحدة.



وفي يوليو/ تموز الماضي كشف “المجهر الأوروبي لقضايا الشرق الأوسط” ومقره جنيف، إن السلطات السويسرية فتحت تحقيقا رسميا في خفايا نهب ذهب من مناطق صراع في إفريقيا بعد تهريبه إلى دولة الإمارات العربية المتحدة.


وأورد المجهر الأوروبي أن الأمر يتعلق بتهريب الذهب من دول إفريقية أبرزها السودان وغانا وتنزانيا وزامبيا، بما يمثل واحدة أخطر الأزمات التي تواجهها هذه الدول لما لها من آثار سلبية على اقتصادها وحرمانها من أحد أهم موارد النقد الأجنبي، والإيرادات الجمركية المفروضة على تصدير الذهب.


يشار إلى أنه سبق أن توصل تحليل أجرته وكالة رويترز العالمية للأنباء إلى وجود عمليات لتهريب الذهب بمليارات الدولارات من إفريقيا كل عام عن طريق الإمارات التي تمثل بوابة للأسواق في أوروبا والولايات المتحدة وغيرها.


وتظهر بيانات جمركية أن الإمارات استوردت ذهبا قيمته 15.1 مليار دولار من إفريقيا مثلا عام 2016 أي أكثر من أي بلد آخر، ارتفاعا من 1.3 مليار فقط عام 2006. وكان الحجم الإجمالي 446 طنا بدرجات نقاء متفاوتة ارتفاعا من 67 طنا فقط عام 2006.


ولم يكن جانب كبير من هذا الذهب مسجلا ضمن صادرات الدول الإفريقية. وقال خمسة خبراء اقتصاديين حاورتهم رويترز إن ذلك يشير إلى نقل كميات كبيرة من الذهب دون تسديد الرسوم الضريبية الواجبة عليها للدول المنتجة.




العراق: مجلس القضاء يحقق مع البنك المركزي و13 مصرفاً أهلياً في قضية غسيل المال



ذكر مصدر عراقية  ان مجلس القضاء الاعلى يحقق في تورط البنك المركزي و13 مصرفا اهليا بقضايا غسيل اموال مزعومة وعمليات تمويل ارهابية . واستجابة لتحقيقات برلمانية انتهت الشهر الماضي، فقد عُلم ان مجلس القضاء يجري تحقيقات بقضايا تهرب ضريبي ورسوم كمركية وعمليات احتيال محتملة تتعلق بمزاد بيع العملة تُدار من قبل البنك المركزي و13 مصرفا خاصا آخر .


وجاء في بيان صدر عن مجلس القضاء الاعلى ان محكمة تحقيق الرصافة، التي تشرف على قضايا تتعلق بالنزاهة وغسيل أموال وجرائم اقتصادية، قد قررت “استدعاء مدراء المصارف لخرقهم أحكام قانون مكافحة غسيل الاموال وتمويل الارهاب رقم 39 لسنة 2015”.


البيان لم يذكر أي تفاصيل عن “الخروقات” او اسماء البنوك المعنية. مع ذلك فقد كشفت اللجنة المالية البرلمانية عن وجود “انشطة مشبوهة” تتعلق بمسؤولين في البنك المركزي، قالت انهم يسعون لاستغلال مزاد بيع العملة. اعضاء في البرلمان واصحاب مصارف ذكروا لموقع ميدل إيست آي البريطاني، أن البنك المركزي، الذي لا يتعامل مع افراد، قد أصبح محورا لغسيل الاموال وتهريب العملة وذلك لضعف الإجراءات الرقابية .


يحصل العراق على الدولار الاميركي من خلال حساب له لدى مصرف الاحتياط الفيدرالي الاميركي في نيويورك، المستند على الاحتياطي النفطي الضخم للعراق. وبما ان بغداد تبيع النفط بالدولار، فانها تستخدم العملة لشراء دينار عراقي من البنك المركزي لتسديد نفقات رواتب وخدمات عامة.


واستنادا لأعضاء برلمان واصحاب مصارف فان البنك المركزي يقوم بعد ذلك ببيع الدولار الى المصارف الخاصة برسم قدره 10 دنانير على كل دولار. وبدلا من ارجاع الدولارات الى البلد، فقد عُلم بان البنك المركزي يقوم بإيداعها في مصارف أجنبية خارج البلاد، مقابل فواتير تُقدم من قبل مصارف خاصة لتغطية بضائع مستوردة .


محمد صاحب الدراجي، عضو اللجنة المالية البرلمانية ورئيس لجنة التحقيق البرلمانية، قال لموقع ميدل ايست آي: “اللعبة تكمن في ان هذه المصارف الاهلية تقدم فواتير مزيفة لبضائع وهمية. بعبارة اخرى، انه ليس هناك بضائع مقابل الاموال المودعة خارج العراق، هذا يعتبر غسيل أموال، حيث ان مصدر هذه الاموال غير معروف او غير شرعي .” واضاف الدراجي قائلا “على البنك المركزي ان يتحقق من الفواتير ويفرض غرامات. ولكن البنك المركزي توقف منذ العام 2016 عن التحقق من الفواتير بذريعة انه غير مسؤول عن هذه القضية .”


ومضى بقوله “هذه العملية مقصودة. البنك المركزي يتجاهل هذه الخطوة بسبب رشاوي ونفوذ سياسي لكي تحصل عملية غسيل الاموال بشكل اصولي .”


لجنة التحقيق التي يرأسها الدراجي كشفت انه خلال الفترة ما بين 1 كانون الثاني الى 1 أيلول شهدت تحويل 27 مليار دولار من العراق في حين لم يتلق سوى 3% فقط من العوائد الكمركية البالغة 4 مليارات دولار او ما يعادل 412 مليون دولار .


وحتى الاسبوع الماضي، اعتاد البنك المركزي شراء 1 دولار من الحكومة العراقية مقابل 1,182 دينار ومن ثم يبيعه للمصارف الاهلية ومكاتب التحويل المالي مقابل 1,190. واستنادا الى اعضاء برلمان وصيرفيين، فان البنوك الاهلية تقوم بعدها ببيع الدولار للمستفيد الاخير مقابل 1,250 دينار، وهو فرق يصل الى 60 دينار عن كل دولار . صباح الساعدي، عضو لجنة النزاهة البرلمانية، قال في احد جلسات البرلمان المتلفزة الشهر الماضي “الفائدة الشهرية من هذه العملية تصل لحدود 220 مليون دولار، اما الارباح السنوية فقد تصل الى 2.64 مليار دولار .” وقال الساعدي “المستفيد الوحيد من هذه العملية هي مجموعة من المصارف الخاصة. لا الحكومة ولا المواطن يحصل على اي منفعة من هذه العملية .”


وكشفت تحقيقات اللجنة المالية استنادا لسجلات البنك المركزي العامة ان هناك ما لايقل عن 52 مصرفا اهليا في البلاد واغلبها اما تستخدم او مملوكة من قبل قوى سياسية للمشاركة في مزاد العملة يخفون مصادر تمويلهم . وفي محاولة لكبح عملية تهريب الدولار وتقليل عجز الميزانية السنوي لعام 2021، البالغ بحدود 43 مليار دولار، رفعت وزارة المالية السبت من معدل صرف الدولار الى 1,450 دينار، الذي تسبب مباشرة بارتفاع أسعار البضائع ونشر الهلع بين الناس . مستشار بارز لرئيس الوزراء قال لموقع ميدل إيست آي بأن تقليل قيمة العملة وزيادة الضرائب مع إجراءات تقشفية تعتبر “الخيار الوحيد” لمعالجة ازمة السيولة النقدية بعد مقترحات قد رفضت لتقليل رواتب الموظفين. واضاف المستشار بقوله “تقليل قيمة العملة جاء استجابة لحاجة ملحة لإيقاف انهيار الاقتصاد العراقي وتقليص عجز الميزانية وايقاف تسريب العملة الاجنبية، وهذا جاء أيضا استجابة لضغوط من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي .”




الجهاد المحلي مستقبل الإرهاب في العالم 

 


أشارالباحث المصري المتخصص في شؤون الجماعات الإرهابية العابرة للحدود أحمد سلطان إلى أنه "من الصعب تجفيف منابع الإرهاب" وعبرعن قلقه 

 من الجهاد المحلي الذي أصبح يمثل أكبر معضلة أمام حكومات الدول، باعتباره إرهابا خفيا وليس من السهل التصدي لمثل هذا النمط من الإرهاب العدمي، أو وقف هجماته التي من الصعب التكهن بها ومن ثم إحباطها. وهي الاستراتيجية التي يحاول من خلالها تنظيم داعش ضمان البقاء والتمدد بعيدا عن معاقله التي انهارت.


رغم انهيار الخلافة المكانية لتنظيم داعش العام الماضي، لم تتوقف الأعمال الإرهابية في الكثير من دول العالم، بعكس توقعات دوائر استخباراتية وسياسية في الغرب، بأن سيطرة التنظيم على الأرض لم تعد كما كانت، بعد انهيار قواه على وقع الحملة العسكرية التي قادها التحالف الدولي في العملية المعروفة بـ”العزم الصلب”.


توحي تحركات داعش على الأرض بأنه لم يفقد السيطرة على زمام الأمور، بل وضع إستراتيجية طويلة المدى لإعادة هيكلة مجموعات جهادية لا تنخرط بين قواته بشكل مباشر، لكنها تؤمن بفكره وتكون تحت لوائه بطريقة “الجهاد عن بعد”، وهو ما بدا واضحا في هجمات وقعت في بلدان أوروبية وآسيوية وأفريقية، على فترات متقاطعة.


وقال أحمد سلطان في حوار مع “العرب”، إن “أزمة الكثير من أجهزة الاستخبارات الدولية تتمثل في أنها تركز على تهديد العائدين من دول الصراعات -مثل العراق وسوريا وأفغانستان وليبيا- دون التطرق إلى الفئة الأخطر، وهي فئة الجهاديين المحليين؛ فالعائد من الانضمام إلى تنظيم إرهابي أصبح يبادر بشن هجمات في حالات نادرة، وأغلبهم مكشوفون للأمن ويخشون الملاحقة والاستهداف”.


ويصنف الجهادي المحلي على أنه شخص يبادر بتنفيذ هجمة، أو مجموعة هجمات داخل البلد الذي يعيش فيه، دون الانتقال إلى إحدى دول الصراع التي يستوطن فيها داعش، لكنه يخدم التنظيم الذي ينتمي إليه، ويؤمن بأفكاره، كأنه يمثله داخل الدولة المقيم فيها.


ويكتشف المتابع لاستراتيجية داعش مؤخرا أنها تقوم على ترميم البناء الهيكلي الذي تضرر بفعل الحملات العسكرية ضده، لذلك صار يسعي لإنشاء قواعد دعم جديدة واستعادة فاعلية شبكاته القديمة في مختلف الدول، من خلال حرب استنزاف تعتمد على الذئاب المنفردة التي قد تكون في شكل أفراد منعزلين أو في شكل مجموعات صغيرة.


ومهمة هذه الفئة، حسب ما خلصت إليه الدراسة التي أعدها سلطان، أن تقوم بتكتيك قتالي استنزافي يعتمد على طريقة حرب الأشباح أو العصابات، ويكون عناصرها خفيفي الحركة وقادرين على المناورة وشن الهجمات دون لفت الانتباه إليهم، وليس شرطا عليهم القيام بحوادث قتل، فقد تكون هذه الهجمات بالدهس أو الطعن.


وبرهن أحمد سلطان على ذلك بأن الجهاديين في شرق ووسط أفريقيا يتعمدون استفزاز الحكومات المحلية واستهداف القوات الفرنسية هناك، لتخرج فرنسا بعيدا عن دائرة الصراع مع التنظيم الأم، وتقوم العناصر الجهادية في أفغانستان بإنهاك القوات الأميركية للغرض ذاته، حتى يتفرغ جهاديو سوريا والعراق لهدم أي بنيان للدولة ولو كان ضعيفا.


حسب الدراسة، فإن القدرات التنظيمية لداعش تعافت إلى حد كبير، وأثبت في أكثر من مناسبة أنه قادر على شن هجمات منسقة ومتزامنة داخل عدة دول، كان آخرها ما سماه بغزوة “لبوا النداء” التي شن خلالها 83 عملية إرهابية في العراق وسوريا وسيناء وغرب أفريقيا والصومال وباكستان، وبالتالي صار الجهاديون المحليون وقودا للموجة القادمة من الإرهاب.


ولا يبخل التنظيم بتوفير الدعم والتدريب لعناصره المؤمنين بأفكاره، والذين يمارسون الإرهاب داخل دولهم، حيث يبث إليهم برامج متنوعة على شبكة الإنترنت، لتعريفهم بكيفية تنفيذ العمليات وصناعة المتفجرات والتدريب على الطعن، وتعليمهم أحدث طرق المطاردات مع أجهزة الأمن، والتخفي عن الملاحقة قبيل وبعد ارتكاب الجريمة، والتعامل بحنكة بعد القبض عليهم.



وتعود أسباب عجز بعض أجهزة الاستخبارات عن التصدي للجهادي المحلي إلى تصرفه بذكاء وإيهام من يراقبه بالتوبة، ولا يتم اكتشافه إلا وهو يقوم بتنفيذ عملية إرهابية، والأخطر أن التنظيم الأم أفتى بإباحة دم الأمنيين والمدنيين معا، بدعوى أن ديار الكفار واحدة، وبالتالي مهما تركزت جهود الأمن على حماية التابعين للسلطة، فإن المدنيين جميعهم في مرمى الإرهاب.


كما أن الأجهزة الأمنية عندما ركزت جهودها على تتبع العائدين من دول الصراعات التي كانت تهيمن عليها التنظيمات المسلحة، كانت طريقة تعاطيها معهم تشوبها الكثير من الهفوات، لأن عمليات التتبع دائما تركز على من شاركوا فعليا في أعمال إرهابية مع أيّ تنظيم، أو كانوا أعضاء فاعلين، دون اكتراث بتعدد تصنيفاتهم، وأن لكل منهم طبيعة خاصة.


ولفتت الدراسة إلى أن العائدين المنخرطين في برامج إعادة التأهيل، ما زالوا جزءًا أصيلا من معضلة مواجهة الإرهاب في مرحلة ما بعد الخلافة المكانية، فرغم اعتماد هذه البرامج على مقاربات متشابهة تركز على نزع التطرف، ثم الدمج في المجتمعات، إلا أنها تواجه إشكالية كبرى متعلقة بالكيفية التي يتم بها تقييم تخلي الشخص عن الأفكار المتشددة في ظل تحريض التنظيمات عناصرها الجهاديين على الكذب على المحققين وخداع موظفي وكالات إنفاذ القانون.


وأشار أحمد سلطان إلى أن الشخص الذي قام بتنفيذ هجوم النمسا الأخير، كان أحد من شاركوا في برنامج إعادة التأهيل والدمج بعد القبض عليه في تركيا قبيل ترحيله إلى النمسا، وحينها أقنع المسؤولين عن تنفيذ برنامج التأهيل بأنه ترك الفكر الإرهابي، وبعدها تصرف وكأنه تحت المراقبة، ولم يقدم على القيام بأعمال مريبة، لكنه خدع المحققين والمدربين.


ورغم حالة عدم اليقين الناشئة عن الوضع المعقد لأزمة العائدين والجهاديين المحليين، يمكن التنبؤ بالسيناريوهات المستقبلية للعمليات الإرهابية، في ظل الشواهد الحاصلة في ملف الإرهاب.


قال سلطان “لن تكون هناك هجمات منسقة على المدى القريب، كالتي تحتاج إلى تحريك مجموعات عالية التدريب، لكن الاحتمال الأقوى هو القيام بحوادث عنيفة غير منسقة تحقق خسائر كبيرة بإمكانيات قليلة، أو زيادة الحوادث التي تحتاج إلى بساطة الفعل، مثل الطعن والدهس وإشعال النيران، بعدما اكتسبت مؤخرا شهرة عالمية وتأييدا رسميا من تنظيم داعش”.


وبغض النظر عن السيناريوهات المرتقبة، فإن التصدي بفاعلية لخطر الجهاديين والعائدين يتطلب رفع درجات التأهب والحذر الأمني، وتبادل المعلومات بين أجهزة الاستخبارات ووكالات تطبيق القانون بشكل مستمر بعيدا عن التنافس الاستخباراتي، وإجراء تعديلات قانونية وتشريعية لمحاكمة العائدين من التنظيمات الجهادية، وطرد الدعاة المتطرفين في الدول الغربية والكف عن منحهم ملاذات آمنة، والتدقيق في أنشطة الجمعيات والمراكز الإسلامية.


وأوضح الباحث في شؤون الحركات الإسلامية أن تفاقم التهديد الجهادي لم يمنع بعض الدول من احتضان دعاة متطرفين يبثون خطبا تحرض على الإرهاب، كما يفعل المصري هاني السباعي المقيم ببريطانيا، ونظيره طارق عبدالحليم المقيم في كندا، ولا يمكن فصل ذلك عن سيطرة جماعة الإخوان على غالبية المراكز والمساجد الإسلامية في بعض البلدان الأوروبية، وهذه تروج لخطاب دعوي يشيد بفكر الجهاد ويعتبره إحدى الوسائل لمواجهة تسلط الكفار على المسلمين.


وبالتالي، فإن نزع مفاهيم الجهاد عن مخيلة المسلمين الجدد في الدول الغربية، يتطلب القيام بحملات تدقيق جادة لأنشطة المراكز الإسلامية وإبعاد الإخوان عنها، واستبدالهم برجال دين معتدلين ووسطيين لتصدير خطاب مضاد للتطرف، مع حتمية الاهتمام بدعم الجاليات المسلمة واستيعاب خصوصية المجتمعات الإسلامية، لتفويت الفرصة على التنظيمات الجهادية في استغلال الظروف التي يمر بها المسلمون لتوجيههم نحو الجهة التي تخدم أهداف هذه التنظيمات.




إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال