الشريط الإخباري

الصحافة حقل استنزاف يُلقي بمن فيه إلى المجهول

 

الصحافة حقل استنزاف يُلقي بمن فيه إلى المجهول*


شحاتة السيد** | الحديدة اكسبرس 

5 مارس 2025

الصحافة حقل استنزاف يُلقي بمن فيه إلى المجهول

الصحافة حقل استنزاف يُلقي بمن فيه إلى المجهول***




حقيقة، أجد حرجًا شديدًا في ما سأقول، لكنه واقع يستحق أن يُقال، وأرجو أن تتقبلوه بصدر رحب.

مهنة الصحافة، تلك التي يُفترض أن تكون منارة للحق وصوتًا للحقيقة، أضحت واحدة من أكثر المهن التي تحتاج إلى مراجعة جذرية. 

كيف لمهنة يُفترض أنها رافعة الوعي وحامية الحقوق أن يكون منتسبوها أول من تُسلب حقوقهم؟ 

كيف لمن يُضيء الطريق للآخرين أن يظل هو نفسه غارقًا في الظلام؟

الصحفي، ذاك الذي يُطارد الخبر، ويفني عمره في البحث عن المعلومة، ويضع روحه على المحك من أجل كشف الحقيقة، يجد نفسه في النهاية واقعًا تحت وطأة دخل لا يليق بحجم التضحيات التي يُقدمها. 

بعضهم بالكاد يجد قوت يومه، بينما آخرون في المهنة ذاتها يجمعون الملايين، وكأن العدالة اختارت أن تُغمض عينها عن هذا التناقض الفجّ.

أما إن فكر الصحفي في الهروب، في تغيير مساره، فإلى أين؟ كيف لمن اعتاد أن يكون عين المجتمع وعقله المفكر أن يصبح شيئًا آخر؟ 

الصحافة ليست مجرد وظيفة تُكتسب، بل هي روح تتغلغل في صاحبها، تُصبح جزءًا من تكوينه، تتحكم في رؤيته للعالم، وتُعيد تشكيله ليكون دائم البحث عن المعنى خلف الكلمات، والحقيقة خلف الظلال. 

كيف له أن يتخلى عن ذلك وهو الذي لم يعرف سواه؟ وهي، رغم قسوتها، تظل رزقه الذي ساقه الله إليه، فكيف يفرّ من رزقه؟

المعادلة شديدة القسوة، والاختبار أشد إيلامًا. أن يستمر الصحفي رغم كل هذا، أو أن ينسحب باحثًا عن حياة كريمة بعيدًا عن المهنة التي أحبها وعشقها. لكن، إذا انسحب الصحفيون الحقيقيون، من يبقى؟ وإذا ضاعت أصواتهم في زحام العابرين، من ينطق بالحقيقة؟

الحل ليس في زيادة بدل الصحفيين وكأنه مُسكن مؤقت، بل في إعادة النظر في أساس المنظومة، في رواتب الصحفيين التي يجب أن تكون عادلة وتكفل لهم حياة كريمة. 

صحيفة لا تملك نموذجًا اقتصاديًا حقيقيًا يضمن أجورًا عادلة للعاملين بها، لا تستحق أن تستمر. الإغلاق أشرف من أن تتحول الصحافة إلى ساحة استغلال، حيث يعمل البعض بلا مقابل، ويُطالبون بالإخلاص لمهنة لا تضمن لهم حتى الحد الأدنى من الأمان.

آن الأوان لوقفة حقيقية، فإما أن تكون الصحافة مهنة تُصان كرامة أبنائها، أو أن تتحول إلى حقل استنزاف يُلقي بمن فيه إلى المجهول.


  اقرأ المزيد :

صحفي استقصائي.. يتعرض للابتزازلاغلاق اهم مشروعات شركة الذكاء الاصطناعي OSH في مصر

https://hodeidahnewsexpress.blogspot.com/2023/06/osh.html?m=1


_____


*العنوان من اختيار #الحديدة_اكسبرس والمقال من منشور له على صفحته على فيسبوك 


**صحفي استقصائي مصري

***الصورة التعبيرية من موقع اليوم السابع المصري



إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال