الشريط الإخباري

‏مشروع تفتيت الدول .. عادل الحسني

 ‏مشروع تفتيت الدول .. عادل الحسني 


كتب عادل الحسني | الحديدة اكسبرس 

2025/12/24 م



تحورت أشكال احتلال الدول، واستبدل المحتلون حملات الغزو أو الانقلابات الكلاسيكية بأدوات أكثر خبثًا، تتخفى غالبًا خلف أهداف استعادة الحقوق أو مكافحة الإرهاب.


أكثر النماذج بروزًا في المنطقة هو ما ترعاه الإمارات، بوصفه أحد أخطر المشاريع لتقويض الدول من الداخل، وإفراغها تدريجيًا من مضمونها السيادي.

يقوم مشروع الإمارات على زراعة ميليشيات مسلحة خارج إطار الدولة، تُمنح التمويل والتدريب والغطاء السياسي، ثم يُعاد تدويرها لاحقًا كقوى تمثيلية تُفرض كأمر واقع على الأرض.

ثم لا تعود تلك الكيانات أدوات مؤقتة، بل تتحول إلى سلطات موازية تنازع الدولة اختصاصاتها، دون أن تقدم البدائل العملية.


الخطير في هذا النموذج أنه لا يكتفي بإضعاف الدولة بقدر ما يعيد صياغة صراعات داخلية بنيوية، بانطلاقات جغرافية وهوياتية وعسكرية.

فيتحول الوطن الواحد إلى مجموعة دول صغيرة غير معلنة، لكل منها سلاحها وخطابها ومرجعيتها الخارجية؛ وهكذا يُستبدل مفهوم الدولة الجامعة بحالة دائمة من التوتر تضمن استمرار الصراع وتمنع أي تسوية فاعلة.


تستفيد الجهة الراعية من هذا التفتيت مزدوجًا، بالحصول على نفوذ سياسي دون كلفة الاحتلال المباشر، وتحكم بالقرار دون أن تُناط بمسؤولية الدولة.


أما من يخسر ويدفع الكلفة فهو الشعب، والذي يتخبط بين كيانات هشة، ويُحرم من الاستقرار والعيش الكريم، ويفرض عليه نمط حياة قائمًا على التوجس المستمر من انفجار الصراعات.


مشروع التفتيت الذي ترعاه الإمارات في بلدان مثل اليمن والسودان وليبيا، كانت نتائجه آنية، ويحمل كذلك آثار بعيدة المدى.

فالبلدان الثلاثة تواصل سقوطها، ومقابل كل سقوط هناك فقدان للمزيد من خيارات الحلول التي تحفظ سيادة الوطن وتماسك أهله.


وبالنظر إلى الشخصيات أو الكيانات التي وقع عليها الاختيار الإماراتي، يبرز القاسم المشترك في كينونتها والأهداف التي ترادفت في كل بلد، وجميعها لا يخرج عن أسس المعاداة المشتركة وتبني القناعات الإماراتية.

وفي المحصلة تخادم معلن، يتأكد باستمرار.


على شعوب تلك البلدان، ومن بقي فيها من قيادات وطنية شريفة، أن تحارب أساس القاعدة، وأن توجه ضرباتها على الرأس أكثر من الذيل.

وأن يتم مواجهة هذا المشروع بالتآزر والتوحد المبني على قاعدة المصلحة المشتركة في المحافظة على بناء الدولة، وتحييد الخلافات الجانبية ما لم تمس السيادة وكرامة الأرض والشعب.


وعلى المجتمع الدولي والإقليمي أن ينظر بشيء من الجدية والاهتمام إلى ما تقوم به الإمارات في بلداننا، وأن يكف عن النظر بعين واحدة إلى الإمارات، بما تمليه عليها حكومات الظل ولوبيهات الدمار.


إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال