الشريط الإخباري

قتل مليون طائر في فترة التكاثر… الصيد في سوريا جريمة مستمرة

قتل مليون طائر في فترة التكاثر… الصيد في سوريا جريمة مستمرة





*مودة بحاح - صحافية سورية


25.05.2023


لا تقتصر أضرار الصيد في هذه الفترة على تناقص الأعداد، فلكل كائن في الطبيعة دور مهم وغيابه يعني غياب دوره.


عشرات الطيور المقتولة على غطاء سيارته، يقف أمامها ويلتقط صوراً تذكارية لا يكتفي بإبقائها في هاتفه الخليوي، بل ينوي التفاخر بها ومشاركتها عبر مجموعات “فيسبوك” المتخصصة بالصيد البري في سوريا.


انتقد نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي الحادثة، فيما عمد آخرون إلى نشر صور لجرائم مشابهة ارتكبوها بحق الطيور المستوطنة أو المهاجرة في البلاد، في فترة تمنع فيها كل دول العالم الصيد، لأنها مخصصة للتكاثر والاعتناء بالفراخ، وهذا المنع الدولي برغم مجاراته قانونياً في سوريا، إلا أن لا رادع حقيقياً لهذه الجرائم اليومية. 


يعتبر فصل الربيع من الفصول المهمة في حياة الطيور، فهو مخصص لبناء الأعشاش والتزاوج ومن ثم إنجاب الصغار والاعتناء بها، ويختلف شهر التفريخ من نوع إلى آخر، فطيور البوم تُفرّخ في شباط/ فبراير، والطيور المهاجرة التي تأتي لتفرّخ في بلادنا تعشش من شباط حتى أيار/ مايو بحسب نوع الطائر، وأخرى في حزيران/ يونيو أو تموز/ يوليو، بينها طيور مهاجرة وأخرى مقيمة، وجميعها تحتاج إلى الأمان والاستقرار لإتمام هذه العملية الحيوية، وهذا العنصر للأسف غير متوفر في سوريا، بسبب الصيد وحرائق الغابات.


يشرح المهندس أحمد ايدك الباحث في الحياة البرية والمشرف على “صفحة هواة الحياة البرية السورية”، أن فترة الربيع هي فترة تكاثر غالبية المخلوقات، لا الطيور وحدها، وكان الصيادون القدامى “أصحاب الضمير” يتوقفون عن الصيد في هذه الفترة، لأن أي طير يتم صيده يعني أن الصياد قضى على 4 أو 5 فراخ بالحد الأدنى. ويصف ايدك ما يحدث اليوم بأنه إبادة، “فمعظم الصيادين يقتلون كل شيء يطير وإن كان لا يؤكل، ومن ضمن هذه الطيور هناك أنواع مهددة بالانقراض دولياً أو محلياً”، ويقول: “لا يمكن أن نحصي الأعداد، لكن بتقديري من خلال الصور التي نراها عبر صفحات فيسبوك، فأكثر من مليون طائر قتل في سوريا خلال هذا الموسم”. ويحذر من أنه “إذا بقي الوضع هكذا فسنخسر الكثير من الغابات والزراعات، بسبب استمرار تكاثر الحشرات والقوارض، وستخسر البيئية السورية بعض أهم ميزاتها، كالطيور النادرة التي بعضها موجود في سوريا حصراً. “فنحن نملك مثلاً طيوراً متوطنة تعتبر أنواعاً فرعية من طيور شائعة، فعندما نفقد مثل هذه الأنواع سنكون فقدنا سلالة سورية بامتياز لا يمكن تعويضها، وهذا الأمر لا يستهدف  الطيور فقط، إنما جميع الأحياء الحيوانية”.


“الصيد في ظل كل هذه الفوضى يطاول كل حيوان يظهر أمام حامل البندقية سواء أكان يؤكل أو لا يؤكل، فالهدف المرجو غالباً هو لذة الصيد لا اللحم”.


الاتجار بالأعشاش


يخبرني أحد النشطاء البيئيين، أن الصيد لم يعد يقتصر على الطيور من آباء وأمهات، فهو يشمل حتى أعشاش العصافير بما فيها من بيض أو صغار كالحجل والحسون، وتمتلئ صفحات “فيسبوك” بصور لمثل هذه الغنائم معروضة للبيع بأسعار مختلفة.


ويتابع الناشط علي أن المشكلة في الصيادين حالياً، بأنهم يعتبرون كل ما هو موجود في الطبيعة من حقهم وحدهم، فهم يقضون على البيئة ولا يحرمون الآخرين من الاستمتاع بجمالها أو جمال كائناتها، والأسوأ أنهم يصطادون طيوراً، من دون معرفة نوعها وبعد موتها يسألون إن كانت صالحة للأكل أم لا، وهذا ما يرصده عبر صفحات “فيسبوك” المتخصصة بالصيد.


الناشط البيئي يمان عمران، يوضح أن الصيد في سوريا أصبح هواية طيف واسع من المجتمع، وبخاصة جيل الشباب والمراهقين، إذ يربطونه بالرجولة والقوة، فضلاً عن لذة الصيد التي يحفزها الأدرينالين عند إطلاق النار وإصابة الهدف.


“الصيد في ظل كل هذه الفوضى يطاول كل حيوان يظهر أمام حامل البندقية، سواء أكان يؤكل أو لا يؤكل”، بحسب عمران، “فالهدف المرجو غالباً هو لذة الصيد لا اللحم، ما يزيد الأمر سوءاً استخدام أنواع صيد محرمة دولياً كالصيد بالشباك وعيدان الدبق واستخدام آلة تطلق أصوات تغريد طيور تجذبها، وهذه العمليات لا تتوقف حتى في فترة التزاوج وهي تحصد أرقاماً كبيرة جداً وتحرم الطبيعة من فرصة ولادة  كائنات جديدة، ويقول عمران: “هي حرفياً تمحو أسراباً وأفواجاً كاملة من الطيور العابرة أو المستوطنة”.


يبرر كثيرون صيدهم للطيور في هذه الفترة بأنهم يختارون الطيور المهاجرة وهذه لا تعشش في أراضينا، متناسين أن شباكهم لا توفر مستوطناً من مهاجر، وبأن بعض هذه الطيور المهاجرة يعشش بالفعل في بلادنا، ويخبرني أحد الصيادين بأن طائر الدرغل يأتي إلى سوريا كي يتكاثر لكن الصيادين لا يتركون له فرصة، فكل سنة يُقتل بين  300 و400 ألف طائر، ومعظم هذه الأعداد في درعا والسويداء وريف دمشق.


يقول كنان المولع بالصيد إنه يحاول الامتناع عن الصيد في هذه الفترة من السنة، لكن بسبب عشقه للصيد ولمجاراة أصدقائه يقوم بجولات صيد، يحاول فيها تجنب الطيور التي تكون في فترة تكاثر، آسفاً لما يحدث أحياناً من فوضى في هواية الصيد تؤدي إلى مقتل الأم وبالتالي الفراخ التي تعجز عن الطيران وتأمين طعامها وحدها.


__________

نقلا عن منصة درج



إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال