الحديدة اكسبرس/اغتيالات افتراضية… كيف جنّدت السعودية “مرتزقة” إلكترونيين ضد هذه الصحافية*
الحديدة اكسبرس/عبده بغيل
*نقلا عن منصة درج
عام 2020، استهدف المؤثرون الرقميون في الولايات المتحدة صحافية تقيم في الخليج عبر الإنترنت. وتخضع واحدة من هؤلاء المؤثرين حالياً للتحقيق في مكتب التحقيقات الفيدرالي، ومن المرجح أنها قد تلقت أموالاً من أحد الأمراء السعوديين بسبب تغريداتها على “تويتر” في انتهاك محتمل للقانون الأميركي. في حين يؤدي آخرون دور المحامي والمستشار والصحافي ولديهم علاقات محتملة مع كيانات أجنبية.
كارين فينيغر
شارك في إعداد التقرير أودري ترافير لمنظمة “فوربيدن ستوريز” (قصص محظورة)، وهولغر شتارك (من صحيفة دي تسايت الألمانية). وساهمت ليندا كاكولي (من التلفزيون السويدي) في إجراء المقابلات والتحقيق.
في 9 حزيران/ يونيو 2020، أعادت شارون فان رايدر، المقيمة في فلوريدا، نشر تغريدة على “تويتر” لصورة سيدة تجلس في حوض استحمام ساخن. وقد انتشرت الصورة المسربة، التي تم الحصول عليها عبر اختراق هاتف هذه السيدة، وتم تعديلها بطريقة مضللة، لكي تبدو السيدة في الصورة عارية في بعض الحالات. وجه آلاف المستخدمين المرتبطين بالسعودية إهانات معادية للمرأة. ولكن من هي هذه السيدة التي كانت هدف هذه الحملة المسيئة؟
هي الصحافية المخضرمة في قناة “الجزيرة” غادة عويس، والتي استضافت في برنامجها معلقين مرموقين في الشرق الأوسط وكانت الحوارات حادة.
اتسمت هجمات فان رايدر على الإنترنت بالقسوة، فقد وصفت عويس بأنها “كاذبة، باعت [نفسها] للإرهابيين لتحصل على سبق صحافي”، وعملت في “شبكة تلفزيونية تبث معاداة السامية”. فضلاً عن أنها أشادت علناً بالأمير محمد بن سلمان ولي عهد المملكة العربية السعودية.
قالت عويس في مقابلة مع “فوربيدن ستوريز”، “كان مستغرباً أن تقوم مواطنة أميركية لا تتحدث اللغة العربية… ولا تعرفني… بنشر التغريدات عني ليلاً ونهاراً”.
واتضح لاحقاً أن فان رايدر حصلت على أموال مقابل تغريداتها المؤيدة للسعودية، وفقاً لتحقيق أجرته صحيفة “دي تسايت” الألمانية. فقد التقت فان رايدر الأمير السعودي سطام بن خالد بن ناصر آل سعود، في دبي في نيسان/ أبريل 2019، لتبدأ هجماتها على عويس عبر الإنترنت، كجزء من مجموعة صغيرة من المؤيدات لترامب.
كشفت الوثائق الرسمية التي اطلعت عليها منظمة “فوربيدن ستوريز” وشركاؤها أن مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي) فتح تحقيقاً في أنشطة فان رايدر، بهدف الكشف عمَّن مولها وما إذا كانت قد انتهكت القانون الأميركي. وقالت فان رايدر في شهادتها عام 2022 أمام مجموعة من المحامين الألمان، إنها تلقت أموالاً من وسيط بالنيابة عن الأمير آل سعود للتحايل على قانون “تسجيل العملاء الأجانب” (FARA). وينص هذا القانون الأميركي على أنه يتعين على أي شخص مقيم في الولايات المتحدة يهدف إلى التأثير في الرأي العام الأميركي لمصلحة كيان أجنبي، مثل الأمير السعودي، التسجيل لدى وزارة العدل وتقديم تقارير عامة. وعدم القيام بذلك يمكن أن يُشكل انتهاكاً للقانون الفيدرالي ويؤدي إلى توقيع عقوبات الغرامات والسجن. (وقد تم التأكد من مزاعم فان رايدر من خلال شخص كان حاضراً في الاستجواب. في حين لم يستجب مكتب التحقيقات الفيدرالي ووزارة العدل لطلبات التعليق).
قد يمتد نفوذ الأمير آل سعود في الولايات المتحدة إلى ما هو أبعد من الحملة الرقمية ضد عويس. فقد قالت فان رايدر في تصريحها إنها حضرت اجتماعاً عام 2019 في ميامي دفع خلاله الأمير السعودي ما يقرب من 175 ألف دولار نقداً، عبر وكيل، لمواطن أميركي قريب من الأوساط اليمنية. وأضافت فان رايدر أن الهدف من دفع هذه الأموال هو تمويل أنشطة عبر الإنترنت تهاجم أهدافاً، من بين أمور أخرى، يطلق عليها اسم “المشروع الإعلامي” أو “مشروع تويتر”. (غيَّرت فان رايدر سابقاً روايتها للأحداث المتعلقة بـ”المشروع الإعلامي”، ورفضت التعليق. في حين لم يستجب الأمير آل سعود لطلبات التعليق).
وبرغم أن أشخاصاً مثل فان رايدر قد شاركوا لسنوات في عمليات التضليل الإعلامي سعياً إلى تحقيق الربح، فإن الخبراء لم يتفقوا حتى الآن حول كيفية تعريفهم. وفقاً للدكتور جيمس فورست، وهو أستاذ في جامعة ماساتشوستس في لويل، فإن مصطلح “مرتزق التأثير الرقمي” يمثل مجالاً متنامياً يستجيب للطلب العالمي. “إن الأمر يعود إلى ما كان عليه المرتزقة في الحروب دائماً. فهم يقاتلون في الأساس بالنيابة عن أي شخص يدفع لهم مقابل القتال”، بيد أنه أكد أن فان رايدر وأنصار ترامب ربما كان لديهم أيضاً دوافع أيديولوجية.
وأضاف فورست أن استخدام دول مثل المملكة العربية السعودية لخدمات مرتزقة التأثير الرقمي الأجنبي “ليس بالأمر المستغرب”؛ فقد استخدمت روسيا وليبيا وإيران المواطنين المحليين لتعزيز نفوذهم وفكرهم في الخارج.
إشراك الأميركيين في حملات التحرش والتشهير عبر الإنترنت التي تقودها السعودية أمر منطقي، وفقاً لما قاله مارك أوين جونز، الأستاذ المشارك المتخصص في دراسات الشرق الأوسط في جامعة حمد بن خليفة في قطر، الذي درس الهجمات عبر شبكة الإنترنت ضد عويس. وقال، “من وجهة نظر التضليل الإعلامي، فإن استخدام البوتات والمتصدين عبر شبكة الإنترنت يختلف تماماً عما إذا كان بإمكانك جعل الأميركيين يتقبلون وجهات النظر السعودية بصورة طبيعية، ثم تكرار وجهات النظر هذه في شبكات التواصل الاجتماعي الخاصة بهم، ثم من الناحية النظرية، يمكن أن تنتشر هذه الآراء بين الأوساط الجمهورية على الإنترنت”، على الرغم من أنه وجد أنه في حالة الحملة التي استهدفت عويس، “فقد نُفذت بشكل سيء”.
استخدام دول مثل المملكة العربية السعودية لخدمات مرتزقة التأثير الرقمي الأجنبي “ليس بالأمر المستغرب”.
المرتزقة الرقميون
على مدى ستة أشهر، أجرت منظمة “فوربيدن ستوريز” تحقيقاً حول عالم المرتزقة الرقميين الذين يهاجمون الصحافيين ويشاركون في حملات التأثير في الجهات الفاعلة الأجنبية كجزء من مشروع “قتلة القصة” (Story Killers). وهو مشروع تعاوني دولي يهدف إلى التحقيق في صناعة التضليل الإعلامي مقابل أجر مادي على مستوى العالم بتنسيق من منظمة “فوربيدن ستوريز”، ويضم أكثر من 100 صحفي من 30 منبراً إعلامياً، ومنبثق عن أعمال الصحفية الهندية الراحلة غورى لانكيش. إضافة إلى مجموعة مؤيدي ترامب، وجدنا مؤثرين محترفين في الولايات المتحدة متورطين في الهجمات ضد عويس، وقد تربطهم علاقات بكيانات أجنبية.
بيد أن أولئك الذين ينشرون عبر الإنترنت لصالح كيانات أجنبية يصعب على السلطات تعقبهم، نظراً إلى أنهم يحصلون غالباً على أجورهم من خلال وسطاء. فقد وجدت منظمة “فوربيدن ستوريز” أن فان رايدر تلقت التمويل من خلال وسيط لبناني له صلات بالسعودية. قالت عويس، “بالنسبة إلي، لم تكن فان رايدر هي المشكلة الحقيقية. بل إن المشكلة الحقيقية تكمن في الأشخاص الذين يدفعون لها مقابل القيام بذلك، لأنه لو لم تكن هي، فسيكون أي شخص آخر”. مضيفةً، “إذا توقفت هي، سيبدأ شخص آخر”.
من دبي إلى السويد: تمويل حملات التحرش والتشهير
في أحد أيام السبت من شهر نيسان 2019، حضرت فان رايدر مأدبة عشاء غير عادية. ففي نادي الملياردير، في فندق فاخر من فئة الخمس نجوم يتألف من 35 طبقة في وسط دبي، تناولت الطعام مع الأمير آل سعود، وفقاً لشهادتها وتذاكر الطيران التي حصلت عليها صحيفة “دي تسايت”، إحدى أعضاء الاتحاد. وقد حضر الاجتماع اثنان من المتعريات الروسيات؛ وممثل عن سعود القحطاني، أحد مساعدي محمد بن سلمان الذي يُزعَم أنه أشرف على مقتل المعارض السعودي جمال خاشقجي وقاد جيشاً من المتصيدون عبر الإنترنت لصالح النظام السعودي، واثنين من ممثلي شركة “دارك ماتر” الإماراتيّة للأمن السيبراني، بحسب ما قالته فان رايدر في شهادتها والمكالمات الهاتفية المسجلة التي حصل عليها الاتحاد.
ناقش آل سعود، وممثل سعود القحطاني، وموظفو شركة “دارك ماتر” كيفية تشويه سمعة عويس، التي اتهموها بأنها تتطاول وتتحدث بالسوء عن محمد بن سلمان. وبناءً على طلب آل سعود، ستخترق شركة “دارك ماتر” هاتفها. (صرح كريم ميشيل صباغ، الذي شغل منصب رئيس تنفيذي شركة “دارك ماتر” آنذاك، لمنظمة “فوربيدن ستوريز”، بأن شركة “دارك ماتر” لم تكن متورطة في عملية الاختراق، وأن الاجتماع الذي عُقد في دبي كان “غير متوافق مع مهمة الشركة وغير مقبول لها”. في حين أعرب الأمير آل سعود لمنظمة “فوربيدن ستوريز”، أنه لم يكن هناك نقاش حول اختراق هاتف عويس في ذلك المساء).
وقالت فان رايدر في شهادتها إنها في اليوم التالي تناقشت مع آل سعود حول “مشروع إعلامي” سوف يموله، وأخبرها أن رجلاً يدعى جيري ماهر سيُخبرها بالخطوات التالية. وفي الفترة بين تشرين الثاني/ نوفمبر 2019 وآذار/ مارس 2020، حوَّل ماهر أربع دفعات على الأقل إلى فان رايدر بلغت كل منها 2500 دولار، مثلما تظهر إيصالات “باي بال” التي حصل عليها الاتحاد. (أخبر آل سعود منظمة “فوربيدن ستوريز” أنه لم يدفع أيّ مبالغ إلى فان رايدر وأنه لا توجد أيّ أعمال بينه وبين صديقه ماهر. بينما قال ماهر إنه لا يتذكر التحويلات وإنه لم يدفع أيّ مبالغ إلى فان رايدر بالنيابة عن آل سعود).
في ذلك الوقت، كان ماهر، واسمه الحقيقي دانيال أحمد الغوش، يعمل على إثراء العلاقات مع النخب والمسؤولين السعوديين منذ سنوات. وقد قدم في السابق برامج على قناة تلفزيونية سعودية، وهو أيضاً الرئيس والمدير التنفيذي لإذاعة “صوت بيروت انترناشيونال”، وهي منصة إعلامية لبنانية يقال إنها دخلت في شراكة مع إمبراطورية إعلامية مملوكة أساساً للملياردير السعودي الأمير الوليد بن طلال. وعام 2021، أصبح ماهر مستشاراً إعلامياً للملياردير السعودي اللبناني المعروف بقربه من النظام السعودي، بهاء الحريري، الذي شغل والده رفيق وشقيقه سعد رئاسة الوزراء في لبنان.
عام 2010 رحل ماهر عن لبنان وبدأ العيش في السويد، حيث منحته السلطات هناك وضع الحماية البديلة، الذي يُمنح للأشخاص المعرضين للتهديد لضمان سرية معلوماتهم الشخصية، مثل عناوين منازلهم. (أكدت السلطات السويدية أن ماهر يتمتع بوضع الحماية، لكنها رفضت الإجابة على أيّ أسئلة أخرى نظراً إلى سرية المعلومات بموجب هذا الوضع).
عكف ماهر منذ ذلك الحين على مهاجمة كل من ينتقد النظام السعودي على الإنترنت علناً. فعام 2018، عندما قتل عملاء سعوديون جمال خاشقجي داخل القنصلية السعودية في إسطنبول، نشر ماهر تغريدة كتب فيها أن من يحققون في الجريمة سوف “يحترقون في الجحيم”. وفي كانون الثاني/ يناير 2019، هاجم ماهر -في تغريدة حصدت أكثر من ألف إعادة تغريد وإعجاب- جيفري بيزوس، مؤسس شركة “أمازون” ومالك صحيفة “واشنطن بوست”، وكتب أنه “من يعادي السعودية يكفيه أن يفضحه الله ويكسره وينهيه“. (واجه ماهر عواقب قانونية في السويد وفي لبنان، حسب ما أشارت التقارير، بسبب سلوكه على الإنترنت. ورفض ماهر الإجابة على أسئلتنا لكنه قال إن معظم تقاريرنا خاطئة).
فوجئت غادة عندما عرفت بتورط ماهر مع شبكة الأميركيين الذين هاجموها على الإنترنت. فقد حل ماهر ضيفاً على قناة الجزيرة، ومثّل على الهواء مباشرةً صوت النظام السعودي، لكن لم يكن بينهما أيّ خلاف. لكن بعد التفكير، صدمت إحدى التفاصيل غادة. ففي فبراير/شباط 2019، دعت غادة ماهر ليكون ضيفاً في برنامجها، وقد دافع عن موقف السعودية من مقتل خاشقجي، قائلاً إنه يعتقد أن المملكة تتعامل “بمسؤولية” مع القضية.
لاحقاً، خلف الكاميرات، أخبرها ماهر -حسبما تتذكر- أنه يعتقد أن محمد بن سلمان أمر بقتل خاشقجي. مضيفةً أن “بإمكانه التحدث بلسان ديكتاتورية، أو فعل أيّ شيء لأجلك مقابل المال”. (أنكر ماهر بشدة قوله لغادة إن محمد بن سلمان أمر بقتل خاشقجي).
فسرت غادة مقتل خاشقجي بأنه تحذير لأي صحافي ينتقد النظام السعودي أو يُشكك فيه، وشعرت بأنه تهديد مباشر. فقد أخبرت منظمة “فوربيدن ستوريز”، أن “ما فعلوه لِخاشقجي ربما يحدث لي، لأنهم هاجموه أولاً على منصات التواصل الاجتماعي، ثم قتلوه”.
تعتبر غادة أن خاشقجي معلمها. فقبل أشهر فحسب من مقتله في عام 2018، نصحها خاشقجي بحظر وتجاهل “جيش الذباب الإلكتروني” – شبكة الحسابات السعودية الآلية أو المبرمجة على موقع تويتر التي طورها سعود القحطاني مساعد محمد بن سلمان- الذي كان يستهدفها هي وخاشقجي.
اختارت غادة تبني نهج آخر. فبعد فترة وجيزة من نشر صورها الأولى في المسبح في حزيران 2020، كتبت مقالة رأي في صحيفة “واشنطن بوست” نقلت من خلالها رسالة قوية، كان عنوانها “أنا صحافية تعمل في الشرق الأوسط. ولن تسكتني هجمات إلكترونية”.
جاء رد مجموعة مؤيدي ترامب في الولايات المتحدة سريعاً. وجدت منظمة “فوربيدن ستوريز” أن هناك أيضاً اثنين من المؤثرين المحترفين في الولايات المتحدة متورطَين في الهجمات ضد غادة وقد تكون لهما علاقات بكيانات أجنبية.
إقرأوا أيضاً:
هجمات إلكترونية وخدمات استشارية
تُعرِّف ماريا معلوف، وهي صحفية من أصل لبناني مقيمة في واشنطن، نفسها بأنها الرئيس المشارك لشركة “بروفايل سوليوشنز” (Prolific Solutions)، وهي شركة استشارية في الولايات المتحدة يُزعم أنها تعمل مع حكومات أجنبية. ورد ذكر معلوف في شهادة فان رايدر بوصفها جزءاً من “المشروع الإعلامي” المصمم لمهاجمة غادة عويس، وزعمت فان رايدر أنها حصلت على تمويل من الأمير السعودي آل سعود. لكن لم يرد اسم معلوف ولا شركتها في سجلات وزارة العدل الأميركية مثلما ينص قانون تسجيل العملاء الأجانب، وهو يشير إلى حدوث انتهاك محتمل للقوانين الفيدرالية. (لم تستجب معلوف ولا شركة “بروفايل سوليوشنز” ولا وزارة العدل لطلبات التعليق. في حين قال آل سعود إنه لم يدفع أيّ مبالغ لمعلوف).
المؤثرة المحترفة الأخرى التي هاجمت عويس على الإنترنت هي إيرينا تسوكرمان، وهي محامية مقيمة في نيويورك، تتناول سرديات قريبة من تلك الخاصة بالسعودية والإمارات والمغرب وأذربيجان وإسرائيل وتعكف على ترديدها في مقاطع فيديو ومقالات رأي ولقاءات تلفزيونية. وتقدم تسوكرمان خدمات أخرى- غير إلكترونية- تتعلق بشن “حرب معلوماتية” والتي قد تكون “هجومية” أو “دفاعية” من خلال شركتها “سكاراب رايزينغ” (Scarab Rising) في الولايات المتحدة، والتحدث في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة عبر منظمة غير حكومية يمنية غامضة، تدعى “التحالف اليمني للمرأة المستقلة” (Yemeni Coalition of Independent Women).
في صيف 2022، ذهبت تسوكرمان برفقة المنظمة غير الحكومية إلى مقر الكونغرس الأميركي من أجل الضغط على النواب بشأن إعادة إدراج المتمردين الحوثيين- المدعومين مثلما يرى كثيرون من إيران، المنافِسة المعروفة للسعودية- إلى قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية. وفي عام 2018، في سياق آخر، تحدثت نيابةً عن منظمة غير حكومية ممولة من السعودية في مؤتمر نظمته مجموعة ضغط مؤيدة للسعودية في نيويورك.
وقال جوشوا إيان روزنشتاين، وهو محامي متخصص في قانون تسجيل العملاء الأجانب، إن “هذا النوع من النشاط الواسع هو ما يجب على وزارة العدل لدينا التدقيق فيه… لتحديد ما إذا كان هناك حاجة أم لا لتطبيق [قانون تسجيل العملاء الأجانب] ولمعرفة هل حدث انتهاك للقانون أم لا”. لكن لم يرد اسم تسوكرمان ولا شركتها في سجلات وزارة العدل الأميركية مثلما ينص قانون تسجيل العملاء الأجانب. (قالت تسوكرمان إنها لا تتبنى روايات الحكومات. وتدعي أن أنشطتها لا تخضع لقانون تسجيل العملاء الأجانب. وقالت رئيسة التحالف اليمني إنها ليست على دراية بقانون تسجيل العملاء الأجانب).
إضافة إلى الهجوم على غادة عويس، وجهت تسوكرمان، الحاصلة على شهادة في القانون من جامعة فوردهام، إهانات إلى كثير من منتقدي النظام السعودي على موقع تويتر. وبعد مقتل خاشقجي، شككت تسوكرمان علناً في عمل المحققين المستقلين، ودافعت عن محمد بن سلمان. (قالت تسوكرمان إنها انتقدت أيضاً الحكومة السعودية على الإنترنت وأن لها موقفاً مختلفاً عن موقف الرياض في ما يتعلق بقضية مقتل خاشقجي).
بالنسبة إلى أوين جونز، سيظل المجال مفتوحاً دائماً في العالم الرقمي أمام الأشخاص الراغبين في الدفاع عما لا يمكن الدفاع عنه، أو كما أضاف موضحاً، “المهاجمين الشرسين”. أما عن تسوكرمان، فقد قال إن الشخص الذي “لا يخشى قول أيّ شيء على الملأ وبشكل رسمي، لكنه حاصل أيضاً على مؤهلات من جامعة جيدة”، سيجد فرصة للعمل في أيّ وقت.
لا تزال الهجمات الإلكترونية على غادة عويس مستمرة على موقع تويتر. قامت غادة حالياً بحظر هذه الحسابات، لكنها تشعر أحياناً برغبة في الاختفاء عن الساحة العامة واعتزال الصحافة.
فقد قالت “هذه طريقة جديدة لقتل الصحفيين افتراضياً وإسكاتهم. فبدلاً من دفع المال لشخص ما لاغتيالك جسدياً على أرض الواقع، يُدفع له من أجل اغتيالك افتراضياً على منصات التواصل الاجتماعي. ما يفعلونه هو اغتيال الشخصية. بدلاً من قتل الشخص، تقتل الكلمات والأسئلة”.
________
*نقلا عن منصة درج