الشريط الإخباري

روسيا ستهزم السعودية في حرب النفط المشتعلة..وواشنطن تلجأ للبلطجة لتسويق نفطها

روسيا ستهزم السعودية في حرب النفط المشتعلة..وواشنطن تلجأ للبلطجة لتسويق نفطها


 في مقالة خص بها موقعنا الحديدةنيوزاكسبرس الكاتب والباحث ناصر قويدر من موسكو توقع فيها ان روسيا ستهزم السعودية في حرب النفط المشتعلة الآن وأشار قويدر في المقال  الى البلطجة التي تلجأ اليها الولايات المتحدة إلى تسويق صادراتها النفطية،، 

الى التفاصيل..



 ناصر قويدر -موسكو
#الحديدةنيوزاكسبرس
14-03-2020

لست مختصا في مجال الإقتصاد، ولكن بموجب خلفيتي السياسية، أفهم أن الفوضى في سوق النفط تكمن حيثياتها بالتالي: 
من المعروف أن منظمة الأوبيك التي تتزعمها السعودية، المنتج الأكبر للنفط عالميا،  هي تاريخيا ـ أداة لينة ومطيعة لتنفيذ المخططات الأميركية في هذا القطاع الإقتصادي بالغ الأهمية، وأكثر من مرة، نفذت الأوامر الأميركية، حتى المتنافية منها مع مصالحها الذاتية، فما بالكم عن مصالح المشايخ النفطيين الآخرين، أو العرب ومنظمة الأوبيك بالعموم. 
خلال الثلاثة سنوات الأخيرة، ولأعتبارات محددة، ساومت روسيا كدولة منتجة للنفط من خارج الأوبيك، ساومت مع السعودية لتنظيم عملية بيع النفط في السوق العالمية، بدون مزاحمة ومضاربات، عبر الاتفاق على تحديد حصص التصدير لكل دولة. وتأسست هيكلية جديدة سميت "أوبيك +"، برعاية روسيا والسعودية، على أن يتم توقيع إتفاق جديد كل عام، حيث تنتهي فعالية الاتفاق الحالي في نهاية شهر مارس الجاري.  
في يوم 6 مارس، وفي مفاوضات فيينا بشأن هذا الموضوع، رفضت روسيا التوقيع على إتفاق للعام القادم، بسبب رغبة السعودية بإلزام أوبيك+  بتخفيضات إضافية في الإنتاج، تنفيذا لإملاءات الولايات المتحدة، تحت غطاء الحفاظ على أسعار مقبولة للنفط في السوق العالمية. وتمسكت روسيا بموقف، يدعو للإبقاء على الإتفاق السابق دون تغيير أو ـ لاحاجة للإتفاق مع أوبيك.
بالتأكيد، هذا الموقف الروسي أثار حفيظة السعودية والولايات المتحدة في جانب وآن واحد (تصريحات عديدة بالصدد)، و أهمها تهديد الحكومة السعودية الذي وجه إلى روسيا تحديدا بتعويم (إغراق)السوق العالمية بالنفط، بأسعار رخيص للغاية، لإلحاق الضرر بروسيا وإجبارها على العودة إلى طاولة التفاوض، وتوقيع إتفاق حول تخفيض الإنتاج،وفقا للفهم السعودي المعلن رسميا.
 هذا التهديد السعودي بحد ذاته، مصحوبا بقوقعات الإستغلال والتهويل الإعلامي، فعل فعله، وشكل السبب المباشر والرئيس في التدحرج السريع لسعر النفط نحو الأسفل، حلال اليومين الأخيرين. 
 الحرب بين روسيا والسعودية، حول تحديد سعر النفط،  تندرج في قائمة واحدة مع الحروب الإقتصادية والتجارية الدولية الأخرى، والتي تشنها الولايات المتحدة ضد الصين وإيران وفنزويلا وغيرهم.  وتشكل تكملة لنظام العقوبات الذي يشمل عديدا من الدول، بما في ذلك روسيا.
كما ويلعب وباء كورونا لما له من تأثيرسلبي كبير على الاقتصاد العالمي الذي كان هشا دون ذلك، يلعب دورا مسرعا في تأجيج موجة التصعيد الدولي، والسعودية والأوبيك، لمجرد واحدة من أدوات الصراع بين الكبار، في قطاع إقتصادي إستراتيجي مثل النفط. 
في السابق، كما أفهم، كان معنى إتفاقيات أوبيك+، هو تقليل حجم الانتاج من أجل إستقرار الأسعار والحفاظ عليها عند مستوى مقبول. لكن هذا الوضع تغير في الآونة الأخيرة، وأصبحت الولايات المتحدة بدلا من مستورد للنفط إلى منتج كبير للنفط (الصخري) ذو تكلفة أعلى، إلى السوق العالمية. 
 وترفض الولايات المتحدة خوض أي نقاش، أو توقيع أي إتفاق حول تخفيض حصص إنتاجها، وتمارس التضليل حول صادراتها النفطية، بل والاحنفاظ بسرية تامة، على بعضها، كما يحدث في عمليات سرقتها للنفط السوري الذي تقدره بعض الاحصائيات بأكثر من 50 ألف برميل يوميا.  
ولتخفيف العبء الكبير في عجز ميزانية الدولة، تلجأ الولايات المتحدة إلى  تسويق (صادراتها) النفطية، عبر أساليب فوضوية وقنوات همجية، في سبيل الحصول على الكسب السريع.  وفي نفس الوقت تعمل على طرد المشاركين الآخرين من سوق النفط، مثل إيران وفنزويلا، لتحل الشركات الأميركية في المكان الشاغر. 
أنا على يقين، بأن عزوف روسيا عن توقيع إتفاق جديد مع أوبيك غير مناسب بالنسبة لها، لم يكن وليد الساعة، وإنما جرى الإعداد له منذ فترة طويلة. والحكومة الروسية تعي تبعيات رفضها، ويبدو أنها إستغلت مناسبة للتخلص من الاتفاق وتقييداته، ولا أستبعد إحتمال وجود معلومات راسخة، بأن الصين ستعود قريبا إلى عافيتها كمستورد كبير للنفط الروسي.
روسيا اليوم، ليس كما يعتقد بعض الإقتصاديين العرب، بأن حالها لا يزال كما عهدوه  في تسعينات القرن الماضي، بعد إنهيار الاتحاد السوفياتي، حيث لا يرى "مختصون" في (الإقتصاد) سوى حلم إنهيار الإقتصاد الروسي. 
في الوقت الراهن، وبأقل كلمة تقال، تملك الحكومة الروسية، ذلك الحجم الضخم من إحتياطيات النقد الأجنبي المتراكم، بما يكفيها للخروج بنجاح  من هذا الوضع المصطنع. 
إضافة إلى ذلك، لا أعتقد بأن إنخفاض سعر النفط أوإرتفاع أسعار العملات الأجنبية (إذا إستمر)سيكون له  تأثيرملموس على أسعار السلع الأساسية في السوق الداخلي، لأن الحكومة الروسية خلال السنوات الماضية، إنتهجت مبدأ عزل وحماية المنتوج الوطني من تأثيرات العوامل الخارجية (النفط والعملات الأجنبية)،وتمكنت من تخطي مسافة كبيرة في هذا المجال، وأثبتت تجارب السنوات الأخيرة صحة ذلك. 
أعتقد أيبضا، أن روسيا ستتمكن من العمل في سوق النفط بشكل مستقل وبدون أوبيك، عبر زيادة حجم إنتاجها. وفي واقع الأمر، إن الحفاظ على أسعار متوازنة للنفط، أمر تحتاجه السعودية أكثر من روسيا، لأن الميزانية السعودية تعتمد بشكل شبه كامل على بيع النفط. 
ونظرا لسوء الإدارة المالية في السعودية، وتوتر الأوضاع الداخلية بسبب تصاعد الصراع على السلطة في البلاد، فإن حرب الاسعارالنفطية، ستكون حساسيتها وتأثيراتها السلبية، بطبيعة الحال، في السعودية، وليس في روسيا.

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال